سـد
( ذو القرنين )
************
ذو القرنين هو الملك الذي ملك الارض
كلها ولم يستطيع اي جيش الوقوف امامه وهو الملك الذي هزم قوم (ياجوج وماجوج)،يخبرنا
القرآن اللكريم عن ذو القرنين أنه ملك صالح، آمن
بالله وبالبعث وبالحساب، فمكّن الله له في الأرض، وهو
ذو القرنين المذكور في سورة الكهف في قوله تعالى :- (
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا
) الكهف:"83." كان ملكاً من ملوك الأرض وعبداً صالحاً
مسلماً ، طاف الأرض يدعو إلى الإسلام ويقاتل
عليه من خالفه ، فنشر الإسلام وقمع الكفر وأعان المظلوم
وأقام العدل.رحلات ذو القرنين في البلاد. تجول في الأرض بجيشه فاتحاً
و داعياً إلى الله وناشراً للحضارة والعدل والرقي في كافة أصقاع المعمورة.كانت رحلته
الأولى إلى الغرب، حتى وصل لمكان تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه. وربما
يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي، حيث
كان يظن الناس أن لا يابسة وراءه، فألهمه الله "أو أوحى إليه"أنه مالك
أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، فإما أن يعذبهم أو أن يحسن إليهم. فأعلن
أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم إن حسابهم الأكبرعلى الله يوم القيامة،
وأما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه، فحكم فيهم بالعدل وأقام بينهم الأمن
وأرسى فيهم دولة المدنية والمساواة والإخاء وأمر عليهم الصالحين والعقلاء
من بينهم، و بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب وأهله وأطمأن على أوضاعهم و وثق
بمسيرة تقدمهم ودعهم واستودعهم، ثم تابع مسيرته و رسالته التي خرج في
سبيلها، فكانت رحلته الثانية إلى الشرق، توجه هذه
المرة إلى الشرق، فلما وصل لأول منطقة وجدها أرضاً مكشوفة لا أشجار فيها ولا
مرتفعات تحجب الشمس عن أهلها، وقيل أنهم عراة لا يلبسون الثياب، ولا يتخذون بيوتاً
ولا خياماً تسترهم فحكم ذو القرنين في أهل المشرق بنفس
حكمه في أهل المغرب، وبعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الشرق
وأهله وأطمأن على أوضاعهم و وثق بمسيرة تقدمهم ودعهم واستودعهم الي رحلته
الثالثة إلى ما بين السدين، فانطلق في البلاد المترامية الأطراف
حتى وصل في رحلته، إلى قوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة، وكانوا يتحدثون
لغة محلية يصعب فهمها، فاستدعى من يفهم لغتهم واستفسرعن امرهم وخبرهم وعرض
اسباب قوته ومنعته وسبب قدومه إليهم، وعندما
وجدوه ملكاً قوياً طلبوا منه أن يساعدهم في صدعدوهم المتربص بهم خارج
الفجوة التي بين الجبلين والذي يكدر عيشهم وينعص حياتهم وهم
قوم "يأجوج ومأجوج" جيرانهم في البلادالذين يعيثون في الأرض الفساد فيهلكون
الحرث والنسل ويخربون البيوت ويسرقون كل ما تصل إليه أيديهم .وطلبوا
منه أن يبني لهم سداً في هذه الفجوة التي بينهم وبين عدوهم ، مقابل
خراج من المال يدفعونه له، فوافق الملك الصالح ذو القرنين على بناء السد، ولكنه
زهد في مالهم واحب مساعدتهم لله، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على
بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين. استخدم ذو
القرنين وسيلة هندسية عظيمة ومميزة لبناء السّد، و استخدم كافة الوسائل العلمية في
مملكته لإنجاز العمل بجودة واتقان، فقاموا أولا بجمع خام الحديد "أكاسيد
احديد" و وضعوها فيما بين الجبلين حتى
تساوى الركام مع قمتي الجبلين، ثم سكب عليه البترول الخام "القِطرمذاباً" ثم
أوقد النار فاستخلص الحديد، ليلتحم وتشتد صلابته، وانقطع
الطريق على يأجوج ومأجوج،
فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره. وبعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل
الجبار، نظر للسّد، وحمد الله على نعمته، وردّ
الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة،
ولم يسكن الغرور قلبه. أما مكان السد ففي جهة المشرق لقوله
تعالى ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس )سورة الكهف. ولا
يعرف مكان هذا السد بالتحديد. والذي تدل عليه الآيات أن السد بني بين
جبلين ، لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ بين السدين
)سورة الكهف والسدان : هما جبلان متقابلان. وهذا
السد موجود إلى أن يأتي الوقت المحدد لهدمه، وخروج
يأجوج ومأجوج، وذلك عند اقتراب الساعة. والذي
يدل على أن هذا السد موجود لم ينهدم بعد، أنه
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (
يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه، قال
الذي عليهم:ارجعوا فستخرقونه غداً .قال : فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان ، حتى
إذا بلغوا مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس قال
الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال
: فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه ، فيخرقونه ويخرجون على الناس ، فيستقون
المياه ، ويفر الناس منهم. "رواه الإمام
البخاري" والحكمة الإلهية منعت الناس من معرفة
مكان سد ذي القرنين، وفتحت مجالاً للأجتهاد والبحث عن
المكان المحتمل، فهناك روايات تقول إنّه في الصين، وأخرى تقول إنّه في
مكان ما في منطقة جورجيا في جبال القوقاز أو
قد يكون في أعماق البحار، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بذلك، ولكن
كما أشارت الأبحاث فإنّه ليس من الممكن أن يكون وراء سور الصين العظيم فالفرق
بين صفات سور الصين العظيم والسد الذي بناه ذو القرنين كبير، ويقول
أحد العلماء المسلمين رحمه الله: "بذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين.
النموذج الطيب للحاكم الصالح".
يمكنه الله في الأرض, وييسر له
الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر ولا يطغى
ولا يتبطر ولا يتخذ من الفتوح وسيلةللغنائم المادية، واستغلال الأفراد والجماعات
والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة
الرقيق، ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به، ويساعد
المتخلفين ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل، ويستخدم
القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح،
ودفع العدوان وإحقاق الحق، ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى
رحمة الله وفضل الله، ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته،وأنه راجع إلى
الله. ومن أعظم اسباب قوة ذو القرنين هو ما
أعطاه الله من الحكمة ومن قوّة ومن عزّة لم يُسكن في قلبه الغرور، فقد
جال الشرق والغرب وحكم العالم بحكمهِ العادل ولم يأخذه الكبر، وأن
الحاكم الصالح باستطاعتهِ التغيير للأحسن لقومهِ وشعبهِ ورغم
الفتوحات التي فتحها وحكمه الشاسع لم يكن هدفه الجمع المادي، بل الدعوة الى الله
ورفع الظلم عن البشر، ولم يقم بإستغلال الأشخاص والجماعات
الذين كان يمر عليهم وكان يعاملهم برفق، فالرفق
والرحمة و التواضع هم صفة العظماء.
Sign up here with your email

ConversionConversion EmoticonEmoticon