محبة الله


 

محبة الله

*******

يقول عبدالله النباجي من الطبقة الثالثة من البصرة : دخلت السوق فرأيت جارية ينادى عليها بالبراءة من العيوب فاشتريتها بعشرة دنانير.فلما انصرفت ودخلت بها داري عرضت عليها الطعام فقالت لي : إني صائمة . قال: فلما جاء وقت الفطور قدمت لها الطعام فأكلت منه قليلا، فلما صلينا العشاء جاءت إلي وقالت: يا سيدي هل بقيت لك عندي خدمة؟. فقلت لها : لا ، فقالت : دعني إذن مع مولاي ،قلت لها : لك ذلك . فانصرفت إلى غرفتها تصلي فيها ، وآويت أنا إلى فراشي فلما مضى من الليل ثلثه ضربت الباب علي ، فقلت لها ماذا تريدين؟ قالت: أما لك حظ من الليل؟. قلت : لا، فذهبت فلما مضى نصف الليل ضربت علي الباب وقالت : ياسيدي، قام المتهجدون إلى وردهم ، وشمر الصالحون إلى حظهم ، فقلت : يا جارية أنا بالليل خشبة (جثة هامدة) وبالنهار جلبة (كثير السعي) ، فلما بقي من الليل الثلث الأخير، ضربت علي الباب ضربا عنيفا ، فقالت: أما دعاك الشوق إلى منجاة الملك؟. قدم لنفسك وخذ مكانا فقد سبقك الخدام. قال: فهاج مني كلامها فقمت وأسبغت الوضوء وركعت ركعات ثم تحسست هذه الجارية في ظلمة الليل فوجدتها ساجدة وهي تقول : إلهي بحق حبك لي إلا غفرت لي وهي تبكي ، فلما انتهت من صلاتها ، قلت لها :ياجارية ، ومن أين علمت أنه يحبك؟.فقالت لي : أما سمعت قوله تعالىيحبهم ويحبونهو لولا محبته ما أقامني وأنامك فقلت لها : اذهبي فأنت حرة لوجه الله العظيم. فدعت لي وخرجت من داري وهي تقول باكية :يارب هذا هو العتق الأصغر، وأنا أنتظر العتق الكبير(العتق من النار) ثم نظرت إلي وقالت : يا سيدي إذا رأيت نفسك متكاسلا عن الطاعة،فاحذر أن يكون الله قد كره طاعتك. قال الله في سورة التوبة : كره الله انبعاثهم فثبطهم. فرضا الناس غاية لا تدرك و رضا الله غاية لا تترك فاترك مالا يدرك ، وأدرك مالا يترك.

 

 

 


Previous
Next Post »