زينب بنت جحش رضي الله عنها
***************************
هي الحسيبة النسيبة القرشية الهاشمية ، أبوها هو: جحش بن رئاب القرشي أحد وجهاء مكة، أمها هي: أميمة بنت عبدالمطلب بن هاشم شيخ مكة
وسيدها ، فهي ابنة عمة النبي الكريم صلى الله عليه
وآله وسلم ، دخلت الإسلام هي وأبوها وأمها وأخوها عبد الله وأختها حمنة وأبو أحمد وعبيد
الله رضي الله عنهم جميعا وأكرم بهم من صحبة لرسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم. و لزواجها من زيد بن
حارثة قصة هذا الزواج غريبة حقا فالزوج عبد معتق أسود الوجه أفطس الأنف وهي
شابة حسناء ذات حسب ونسب تهافت الخطاب على
بابها راغبين وطالبين فردتهم جميعا لأنها حتى الآن لم
تجد فيهم كفؤا لها. وفي هذا الوقت بدلا
من أن يكون زوجها شاب هاشمي ذو حسب ونسب ومال وجمال ، فإذا به عبد أسود وهو زواج غريب في بدايته
وغريب في نهايته ولكنه زواج ملئ بالعبر، تم بأمر إلهي أريد من ورائه حكمة وأي حكمة
، و زيد (رضي الله عنه)
كان من قبيلة عربية قحطانية غزت قومه بعض القبائل
فاستلبوه من أمه و باعوه فصار عبدا مملوكا اشترته خديجة بنت خويلد(رضي الله
عنها)ثم أهدته لمحمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله
وسلم)بعد زواجها منه، بحث حارثة بن شراحبيل والد زيد عن ابنه حتى وجده عند محمد بن
عبد الله فجاء يفتديه بالمال،ولكن زيدا رفض أن يترك
سيده ويرجع ويعود مع أبيه إلى قومه ، عند ذلك أخذ محمد بيد زيد وطاف به على دور قريش يشهدهم أنه قد
تبناه وأنه صار وارثا وموروثا. وكان رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم يحبه حبا عظيما و يقول : و أيم
الله إن زيدا كان خليقاً بالإمارة. تزوج زيد بأم أيمن
مولاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فولدت له ولده أسامة فصار الحب ابن الحب
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. في السنة الرابعة
من الهجرة استدعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
زيدا إليه وكان زيد في التاسعة والأربعين من عمره وأمره
بأن يتزوج من زينب بنت جحش رضي الله عنها وكان اسمها في هذا الوقت برة ، وكانت في
الخامسة والعشرين من عمرها. وكان موقف زيد صعب ، فهو عبد معتق وهي قرشية هاشمية ، وأما زينب
فكان موقفها أصعب بكثير فوجهاء مكة وخيرة شبابها وقوفا على
بابها طلبا ليدها فشعرت بسهام تصيب كبريائها وتطعنها
في الصميم ، و أمام هذه المشاعر بدت لزينب رغبة حادة
بالرفض ولكن نظرة واحدة في وجه النبي صلى الله عليه وآله
وسلم كانت كفيلة أن تدفع زينب للرضوخ فهو رسول الله
وأمره من أمره وعصيانه من عصيان الله فرضخت زينب لأمر
النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولكن بعض الروايات
تقول : إن زينب وأخواها عبد الله وحمنة رفضوا هذا الزواج بشدة فنزل قول الله تعالى《وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل
ضلالا مبينا》(الأحزاب ٣٦) وأن زينب وأهلها رضوا بعد نزول هذه الآية. كان صداق زينب عشرة
دنانيروستون درهما وخمارا وملحفة حاولت زينب أن تكون
زوجة صالحة ولكنها لم تستطع أن تحب زيدا ولم
تستطع أن تنسى من هي ومن هو وأنها الشريفة الحسيبة
النسيبة وأنها كانت مطمح وجهاء القوم وساداتهم ، فكانت
تسيء في بعض الأحيان إلى زيد فتحقره و تتمنع عليه دون
قصد منها وكان زيد يحس بهذه الفجوة وذلك التعالي الأمر
الذي أدى إلى التباعد النفسي بينهما. فانقلبت حياتهما إلى جحيم بعد سنة من المعاناة
فتيقن زيد أنه لن يستطيع أن يكمل حياته مع زينب ، وفي يوم خرج زيد من بيته مغضبا بعد أن تشاجرا وظلت كلماتها
التعييرية تلاحق سمعه. زيد كان عبدا
مملوكا حرره الله على يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وزوجه من سيدة قرشية هاشمية ذات منزلة رفيعة ومكانة مرموقة ، لكنه اليوم ثائرغضبان من هذه السيدة الرفيعة وهو يردد قائلا : كيف تعيرني بأيام العبودية؟ وهي تعلم أن الإسلام سوى
بيني وبينها والله لأشكونها لرسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ، فهرع زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو
يفكر في طلاقها ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بذلك فمنعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طلاقها ،
و زيد وزينب لا يعلمان من أمر الله شيئا ولا الحكمة الإلهية من زواجهما. والنبي صلى الله
عليه وآله وسلم مبلغ من ربه بتطليق زيد لزينب وتزويجها
للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لإبطال عادة جاهلية وإقرار شرع الله فأنزل الله
تعالى قوله :
"وإذ تقول للذي أنعم
الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله
وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" . ثم تم الطلاق
بينهما بعد زواج دام سنة وعدة أشهر. فلما قضت عدتها في
بيت الزوجية أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم بأمر من الله ليخطبها لنفسه ، كان ذلك في العام الخامس من الهجرة المباركة. أتعرفون من الذي
أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى زينب
ليخطبها له؟ إنه زيد بن حارثة رضي الله عنه. فاندهشت زينب رضي
الله عنها وأخفت فرحتها الغامرة بخطبة النبي صلى الله
عليه وآله وسلم لها ، وقالت لزيد لست صانعة شيئا حتى أستخير ربي وقامت إلى مصلاها وسجدت لله حامدة وشاكرة. عاد زيد إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره بجواب زينب وأنها تريد أن تستخير ربها ، و زيد
لا يعلم أن جبريل عليه السلام في الدارعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يخبره بأن الله قد زوجه زينب ، وأن الله هو وليها ، وأن جبريل هو سفير الله يبلغ بأمر الزواج ، و ذاك
أمر لم يحدث مع أي امرأة غير زينب وذاك تكريم وتشريف
لا مزيد عليه "فلما قضى زيد منها
وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في
أزواج أدعيآئهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مغعولا☆ما
كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا" (الأحزاب ٣٧-٣٨(. أما زيد فقد كرمه
الله بأنه الوحيد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ذكر اسمه صريحا في القرآن وصار أي مسلم ينطق
باسمه يحصل على ثلاثين حسنة. رضي الله عن أم
المؤمنين زينب، ورضي الله عن زيد بن حارثة ، ورضي
الله عن كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
Sign up here with your email
ConversionConversion EmoticonEmoticon