من
قصص العرب
إنهيار سد مأرب
***********
كان
للملك "عمرو بن عامر" ملك بلاد "سبأ في مأرب" ، أخ كاهن عقيم
, يقال له "عمران" , وكان لعمرو كاهنة من أهله من حمير يقال لها "طريفة
الخير" . فكان أول شيء وقع بمأرب وعرف من سيل العرم أن عمران الكاهن أخا عمرو
رأى في كهانته أن قومه سوف يمزقون كل ممزق ويباعد بين أسفارهم , فذكر ذلك لأخيه
عمرو , وهو الملك "مزيقياء" الذي كانت محنة القوم في أيام ملكه , وبينما
طريفة الكاهنة ذات يوم نائمة , إذ رأت فيما يرى النائم أن سحابة غشيت أرضهم وأرعدت
وأبرقت , ثم صعقت فأحرقت ما وقعت عليه , ووقعت إلى الأرض , فلم تقع على شيء إلاّ
أحرقته . ففزعت طريفة لذلك , وذعرت ذعراً شديداً , وانتبهت وهي تقول : ما رأيت مثل
اليوم , قد أذهب عني النوم , رأيت غيما أبرق , وأرعد طويلا ثم أصعق , فما وقع على
شيء إلاّ أحرق , فما بعد هذا إلاّ الغرق . فلما رأوا ما داخلها من الرعب خفضوها وسكنوا
جأشها حتى سكنت . ثم إن عمرو بن عامر دخل حديقة من حدائقه ومعه جاريتان له , فبلغ
ذلك طريفة فأسرعت نحوه , وأمرت وصيفا لها يقال له سنان أن يتبعها , فلما برزت من
باب بيتها عارضها ثلاث "مناجد" منتصبات على أرجلهن واضعات أيديهن على
أعينهن , وهي دواب تشبه اليرابيع لم تكن بأرض اليمن . فلما رأتهن طريفة وضعت يدها
على عينها وقعدت , وقالت لوصيفها : إذا ذهبت هذه المناجد عنا فأعلمني . فلما ذهبت
أعلمها , فانطلقت مسرعة . فلما عارضها خليج الحديقة التي فيها عمرو وثبت من الماء
سحلفاة , فوقعت على الطريق على ظهرها وجعلت تريد الانقلاب فلا تستطيع , فتستعين
بذنبها وتحثو التراب على بطنها وجنبها وتقذف بالبول . فلما رأتها طريفة جلست إلى
الأرض , فلما عادت السحلفاة إلى الماء مضت طريفة إلى أن دخلت على عمرو الحديقة حين
انتصف النهار في ساعة شديد حرها , فإذا الشجر يتكفأ من غير ريح , فنفذت حتى دخلت
على عمرو ومعه جاريتين له على الفراش . فلما رآها استحيا منها , وأمر الجاريتين
فنزلتا عن الفراش , ثم قال لها : هلمي يا طريفة إلى الفراش . فتكهنت , وقالت :
والنور والظلماء , والأرض والسماء , إن الشجر لتالف , وسيعود الماء لما كان في
الدهر السالف . فقال عمرو : من خبرك بهذا ؟ قالت : أخبرني "المناجد" ,
بسنين شدائد , يقطع فيها الولد والوالد . قال : ما تقولين ؟ قالت : أقول قول
الندمان لهفا , قد رأيت سلحفا , تجرف التراب جرفا , وتقذف بالبول قذفا , فدخلت
الحديقة فإذا الشجر يتكفا . قال عمرو : وما ترين ذلك ؟ قالت : هي داهية ركيمة ,
ومصائب عظيمة , لأمور جسيمة . قال : وما هي ؟ ويلك ! قالت : أجل إن لي الويل ,
ومالك فيها من نيل , فلي ولك الويل , مما يجيء به السيل . فألقى عمرو نفسه على
الفراش وقال : ما هذا يا طريفة ؟ قالت : هو خطب جليل , وحزن طويل , وخلف قليل ,
والقليل خير من تركه . قال عمرو : وما علامة ذلك ؟ قالت : تذهب إلى السد فإذا رأيت
"جرذا" يكثر بيديه في السد الحفر , ويقلب برجليه من الجبل الصخر , فاعلم
أن النقر عقر , وأنه وقع الأمر . قال : وما هذا الأمر الذي يقع ؟ قالت : وعد من
الله نزل , وباطل بطل , ونكال بنا نزل , فبغيرك يا عمرو فليكن الثكل . فانطلق عمرو
إلى السد يحرسه , فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلبها خمسون رجلا . فرجع إلى
طريفة فأخبرها الخبر وهو يقول :
أبصرت أمرا عادني منه ألم
وهاج لي من هوله برح السقم
من جرذ كفحل خنزير الأجم
أو تيس مرم من أفاريق الغنم
يسحب صخرا من جلاميد العرم
له مخاليب وأنياب قضــــم
ما فاته سحلا من الصخر قصم
كانمأ يرعى حظيراً من سلم
فقالت له طريفة : إن من علامة ما ذكرت لك أن تجلس في مجلسك بين الجنتين , ثم تأمر بزجاجة فتوضع بين يديك , فإنها ستمتلئ بين يديك من تراب البطحاء من سهلة الوادي ورمله , وقد علمت أن الجنان مظلة ما يدخلها شمس ولا ريح . فأمر عمرو بزجاجة فوضعت بين يديه , فلم يمكث إلاّ قليلا حتى امتلأت من تراب البطحاء . فذهب عمرو إلى طريفة فأخبرها بذلك , وقال : متى ترين هلاك السد ؟ قالت : فيما بينك وبين السبع السنين . قال : ففي أيها يكون ؟ قالت : لا يعلم ذلك إلاّ الله تعالى , ولو علمه أحد لعلمته . ولا يأتي عليك ليلة فيما بينك وبين السبع السنين إلاّ ظننت هلاكه في غدها أو في تلك الليلة . ورأى عمرو في النوم سيل العرم , وقيل له : إن آية ذلك أن ترى الحصباء قد ظهرت في سعف النخل . فذهب إلى كرب النخل وسعفه فوجد الحصباء قد ظهرت فيها , فعلم أن ذلك واقع بهم وأن بلادهم ستخرب , فكتم ذلك وأخفاه , وأجمع أن يبيع كل شيء له بأرض سبأ , ويخرج منها هو وولده . ثم خشي أن يستنكر الناس ذلك , فعمل عمرو بن عامر حيلة للخروج من بلاده , فصنع طعاماً وأمر بإبل فنحرت , وبغنم فذبحت , وصنع طعاما واسعا , ثم بعث إلى أهل مأرب أن عمرا صنع يوم مجد وذكر فاحضروا طعامه . ثم دعا ابنا له يقال له مالك ويقال : بل كان يتيما في حجره فقال : إذا جلست أطعم الطعام الناس فاجلس عندي ونازعني الحديث , واردده عليّ , وافعل بي مثل ما أفعله بك . وجاء أهل مأرب , فلما جلسوا أطعم الناس وجلس عنده الذي أمره بما أمره به , فجعل ينازعه الحديث ، ويرد عليه ، فضرب عمرو وجهه وشتمه ، فصنع الصبي بعمرو مثل ما صنع به ، فقام عمرو وصاح : واذلاه ، يوم فخر عمرو ومجده يضرب وجهه صبي . وحلف ليقتلنه ، فلم يزالوا بعمرو حتى تركه . ففي ذلك قال حاجر الأزدي :
يا رب لطمة غدر قد سخنت بها
بكف عمرو التي بالغدر قد غرقت
ثم قال : والله لا أقيم ببلد صنع هذا بي فيه ، ولأبيعن عقاري فيه وأموالي ، فقال الناس بعضهم لبعض : إغتنموا غضبة عمرو ، واشتروا منه أمواله قبل أن يرضى . فابتاع الناس منه جميع ماله بأرض مأرب . وفشا بعض حديثه فيما بلغه من شأن سيل العرم ، فخرج ناس من الأزد وباعوا أموالهم ، فلما أكثروا البيع إستنكر ذلك الناس ، فأمسكوا بأيديهم عن الشراء . فلما اجتمعت إلى عمرو بن عامر أمواله أخبر الناس بشأن سيل العرم ، فقال أخوه عمران الكاهن : قد رأيت أنكم ستمزقون كل ممزق ، ويباعد بين أسفاركم ، وإني أصف لكم البلدان فاختاروا أيها شئتم ، فمن أعجبه منكم صفة بلد فليصر إليها : من كان منكم ذا هم بعيد ، وجمل شديد ، ومزاد جديد ، فليلحق بقصر عُمان المشيد ، فكان الذين نزلوه أزد عُمان . قال : ومن كان منكم ذا هم غير بعيد ، وجمل غير شديد ، ومزاد غير جديد ، فليلحق بالشعب من كرود . قال : وهي أرض همدان ، فلحق به وادعه بن عمرو ، فاقتسموا فيهم . فقال الكاهن : ومن كان منكم ذا حاجة ووطر ، وسياسة ونظر ، وصبر على أزمات الدهر ، فليلحق ببطن مر وكان الذين سكنوه خزاعة ، سميت بذلك لانخزاعها في ذلك الموضع عمن كان معها من الناس ، وهم بنو عمرو بن لحي ، فتخزعت هنالك إلى هذه الغاية . وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
ولما هبطنا بطن مر تخزعت
خزاعة منا في ملوك كراكر
في شعر له طويل . ومالك و أسلم وملكان بنو قصي بن حارثة بن عمرو مزيقياء . وقال الكاهن : ومن كان يريد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل . وهي المدينة ، وكان الذين سكنوها الأوس والخزرج إبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء . قال الكاهن : ومن كان يريد منكم الخمر والخمير ، والديباج والحرير ، والأمر والتدبير ، فليلحق ببصرى وحفير . وهي أرض الشام ، فكان الذين سكنوها غسان . قال الكاهن : ومن كان منكم يريد الثياب الرقاق ، والخيول العتاق ، والكنوز والأرزاق ، فليلحق بالعراق . وكان الذين لحقوا بالعراق منهم مالك بن فهم الأزدي وولده . ثم خرج عمرو بن عامر مزيقياء وولده ، من مأرب ، وخرج من كان بمأرب من الأزد يريدون أرضا تجمعهم يقيمون بها ، ففارقهم وادعة بن عمرو بن عامر مزيقياء ، فسكنوا همدان . وتخلف مالك بن اليمان بن فهم بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد ، وكان بعدهم بمأرب ملكا إلى أن كان من أمرهم ما كان من الهلاك . ثم ساروا حتى إذا كانوا بنجران تخلف أبو حارثة بن عمرو بن عامر مزيقياء ودعبل بن كعب بن أبي حارثة فانتسبوا في مذحج . ثم سار عمرو بن عامر حتى إذا كان بين السراة ومكة أقام هنالك أناس من بني نصر من الأزد ، وأقام معهم عمران بن عامر الكاهن أخو عمرو بن عامر مزيقياء ، وعدي بن حارثة ابن عمرو مزيقياء . وسار عمرو بن عامر وبنو مازن حتى نزلوا بين بلادالأشعريين وعك على ماء يقال له غسان ، بين واديين يقال لهما زبيد ورمع ، وهما مما يلي صدورهما بين صعيد يقال له : صعيد الحسك وبين الجبال التي تدفع به في زبيد ورمع ، فأقاموا على غسان ، وشربوا منه ، فسموا غسان ، وغلب على أسمائهم ، فلا يعرفون إلا به. قال حسان بن ثابت :
إما سألت فأنا معشر نجب
الأزد نسبتنا والماء غسان
والذين سموا غسان من بني مازن الأوس والخزرج ، إبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء ، وجفنة بن عمرو مزيقياء ، والحارث وعوف وكعب ومالك بنو عمرو مزيقياء ، والنوم وعدي ابنا حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد . وللقوم أخبار في تفرقهم ، ومن دخل منهم في معد بن عدنان ، وما كان بينهم من الحروب إلى أن ظفرت بهم بنو معد ، فأخرجتهم إلى أن لحقوا بالسراة – والسراة جبل الأزد الذي هم به يقال لهم السراة ، ويقال له : الحجاز ، وإنما سمي السراة من هذا الجبل ظهره ، فيقال لظهره السراة كما يقال لظهر الدابة السراة . فأقاموا به وكانوا في سهله وجبله وما قاربه . وهو جبل على تخوم الشام ، وفرز بينه وبين الحجاز مما يلي أعمال دمشق والأردن وبلاد فلسطين ويلاقي جبل موسى .
أبصرت أمرا عادني منه ألم
وهاج لي من هوله برح السقم
من جرذ كفحل خنزير الأجم
أو تيس مرم من أفاريق الغنم
يسحب صخرا من جلاميد العرم
له مخاليب وأنياب قضــــم
ما فاته سحلا من الصخر قصم
كانمأ يرعى حظيراً من سلم
فقالت له طريفة : إن من علامة ما ذكرت لك أن تجلس في مجلسك بين الجنتين , ثم تأمر بزجاجة فتوضع بين يديك , فإنها ستمتلئ بين يديك من تراب البطحاء من سهلة الوادي ورمله , وقد علمت أن الجنان مظلة ما يدخلها شمس ولا ريح . فأمر عمرو بزجاجة فوضعت بين يديه , فلم يمكث إلاّ قليلا حتى امتلأت من تراب البطحاء . فذهب عمرو إلى طريفة فأخبرها بذلك , وقال : متى ترين هلاك السد ؟ قالت : فيما بينك وبين السبع السنين . قال : ففي أيها يكون ؟ قالت : لا يعلم ذلك إلاّ الله تعالى , ولو علمه أحد لعلمته . ولا يأتي عليك ليلة فيما بينك وبين السبع السنين إلاّ ظننت هلاكه في غدها أو في تلك الليلة . ورأى عمرو في النوم سيل العرم , وقيل له : إن آية ذلك أن ترى الحصباء قد ظهرت في سعف النخل . فذهب إلى كرب النخل وسعفه فوجد الحصباء قد ظهرت فيها , فعلم أن ذلك واقع بهم وأن بلادهم ستخرب , فكتم ذلك وأخفاه , وأجمع أن يبيع كل شيء له بأرض سبأ , ويخرج منها هو وولده . ثم خشي أن يستنكر الناس ذلك , فعمل عمرو بن عامر حيلة للخروج من بلاده , فصنع طعاماً وأمر بإبل فنحرت , وبغنم فذبحت , وصنع طعاما واسعا , ثم بعث إلى أهل مأرب أن عمرا صنع يوم مجد وذكر فاحضروا طعامه . ثم دعا ابنا له يقال له مالك ويقال : بل كان يتيما في حجره فقال : إذا جلست أطعم الطعام الناس فاجلس عندي ونازعني الحديث , واردده عليّ , وافعل بي مثل ما أفعله بك . وجاء أهل مأرب , فلما جلسوا أطعم الناس وجلس عنده الذي أمره بما أمره به , فجعل ينازعه الحديث ، ويرد عليه ، فضرب عمرو وجهه وشتمه ، فصنع الصبي بعمرو مثل ما صنع به ، فقام عمرو وصاح : واذلاه ، يوم فخر عمرو ومجده يضرب وجهه صبي . وحلف ليقتلنه ، فلم يزالوا بعمرو حتى تركه . ففي ذلك قال حاجر الأزدي :
يا رب لطمة غدر قد سخنت بها
بكف عمرو التي بالغدر قد غرقت
ثم قال : والله لا أقيم ببلد صنع هذا بي فيه ، ولأبيعن عقاري فيه وأموالي ، فقال الناس بعضهم لبعض : إغتنموا غضبة عمرو ، واشتروا منه أمواله قبل أن يرضى . فابتاع الناس منه جميع ماله بأرض مأرب . وفشا بعض حديثه فيما بلغه من شأن سيل العرم ، فخرج ناس من الأزد وباعوا أموالهم ، فلما أكثروا البيع إستنكر ذلك الناس ، فأمسكوا بأيديهم عن الشراء . فلما اجتمعت إلى عمرو بن عامر أمواله أخبر الناس بشأن سيل العرم ، فقال أخوه عمران الكاهن : قد رأيت أنكم ستمزقون كل ممزق ، ويباعد بين أسفاركم ، وإني أصف لكم البلدان فاختاروا أيها شئتم ، فمن أعجبه منكم صفة بلد فليصر إليها : من كان منكم ذا هم بعيد ، وجمل شديد ، ومزاد جديد ، فليلحق بقصر عُمان المشيد ، فكان الذين نزلوه أزد عُمان . قال : ومن كان منكم ذا هم غير بعيد ، وجمل غير شديد ، ومزاد غير جديد ، فليلحق بالشعب من كرود . قال : وهي أرض همدان ، فلحق به وادعه بن عمرو ، فاقتسموا فيهم . فقال الكاهن : ومن كان منكم ذا حاجة ووطر ، وسياسة ونظر ، وصبر على أزمات الدهر ، فليلحق ببطن مر وكان الذين سكنوه خزاعة ، سميت بذلك لانخزاعها في ذلك الموضع عمن كان معها من الناس ، وهم بنو عمرو بن لحي ، فتخزعت هنالك إلى هذه الغاية . وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
ولما هبطنا بطن مر تخزعت
خزاعة منا في ملوك كراكر
في شعر له طويل . ومالك و أسلم وملكان بنو قصي بن حارثة بن عمرو مزيقياء . وقال الكاهن : ومن كان يريد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل . وهي المدينة ، وكان الذين سكنوها الأوس والخزرج إبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء . قال الكاهن : ومن كان يريد منكم الخمر والخمير ، والديباج والحرير ، والأمر والتدبير ، فليلحق ببصرى وحفير . وهي أرض الشام ، فكان الذين سكنوها غسان . قال الكاهن : ومن كان منكم يريد الثياب الرقاق ، والخيول العتاق ، والكنوز والأرزاق ، فليلحق بالعراق . وكان الذين لحقوا بالعراق منهم مالك بن فهم الأزدي وولده . ثم خرج عمرو بن عامر مزيقياء وولده ، من مأرب ، وخرج من كان بمأرب من الأزد يريدون أرضا تجمعهم يقيمون بها ، ففارقهم وادعة بن عمرو بن عامر مزيقياء ، فسكنوا همدان . وتخلف مالك بن اليمان بن فهم بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد ، وكان بعدهم بمأرب ملكا إلى أن كان من أمرهم ما كان من الهلاك . ثم ساروا حتى إذا كانوا بنجران تخلف أبو حارثة بن عمرو بن عامر مزيقياء ودعبل بن كعب بن أبي حارثة فانتسبوا في مذحج . ثم سار عمرو بن عامر حتى إذا كان بين السراة ومكة أقام هنالك أناس من بني نصر من الأزد ، وأقام معهم عمران بن عامر الكاهن أخو عمرو بن عامر مزيقياء ، وعدي بن حارثة ابن عمرو مزيقياء . وسار عمرو بن عامر وبنو مازن حتى نزلوا بين بلادالأشعريين وعك على ماء يقال له غسان ، بين واديين يقال لهما زبيد ورمع ، وهما مما يلي صدورهما بين صعيد يقال له : صعيد الحسك وبين الجبال التي تدفع به في زبيد ورمع ، فأقاموا على غسان ، وشربوا منه ، فسموا غسان ، وغلب على أسمائهم ، فلا يعرفون إلا به. قال حسان بن ثابت :
إما سألت فأنا معشر نجب
الأزد نسبتنا والماء غسان
والذين سموا غسان من بني مازن الأوس والخزرج ، إبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء ، وجفنة بن عمرو مزيقياء ، والحارث وعوف وكعب ومالك بنو عمرو مزيقياء ، والنوم وعدي ابنا حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد . وللقوم أخبار في تفرقهم ، ومن دخل منهم في معد بن عدنان ، وما كان بينهم من الحروب إلى أن ظفرت بهم بنو معد ، فأخرجتهم إلى أن لحقوا بالسراة – والسراة جبل الأزد الذي هم به يقال لهم السراة ، ويقال له : الحجاز ، وإنما سمي السراة من هذا الجبل ظهره ، فيقال لظهره السراة كما يقال لظهر الدابة السراة . فأقاموا به وكانوا في سهله وجبله وما قاربه . وهو جبل على تخوم الشام ، وفرز بينه وبين الحجاز مما يلي أعمال دمشق والأردن وبلاد فلسطين ويلاقي جبل موسى .
Sign up here with your email
ConversionConversion EmoticonEmoticon