رمضان كريم




رمضان كريم
**********
كنت مسافراً للعين السخنة من كام يوم ومعي أسرتي ، الساعة الثانية بعد منتصف الليل ،وقبل ان أتحرك من المقطم أخدت بالي إن لمبة البنزين منورة ، توجهت لشراء بعض اللوازم وبعدها انطلقت ونسيت أمون ،
تذكرت وأنا في الطريق !كانت أول مرة في حياتي أذهب للعين السخنة ، لذلك لم أقلق في البداية ظنًا مني أنني سأجد الكثير من محطات الوقود في الطريق ، مع مرور الوقت والظلام الحالك والطريق الموحش ،
بدأ القلق يتسرب ، اتصلت بصديق وعلمت أن أول محطة بنزين بعد مسافة طويلة جدًا ،تحول القلق إلى رعب ، تراجعت كل الاهتمامات والمشاغل والمشاكل ، وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها في تساوي محطة وقود !لم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود !تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منذ دقائق ،لاح ضوء من بعيد ،ودب في القلب أمل واهن وفرح مُعلق ،اقتربت ، لم تكن محطة وقود ، بل استراحة فقيرة جدًا .شعرت بالإحباط ، وسألت الرجل عن أقرب محطة وقود ، وكياني كله معلق بفمه في انتظار إجابة ، قال الرجل : بعد ٣ كم ..كدت احتضنه ، لكني خشيت أن تكون إجابة غير دقيقة ،
أو محطة وقود ليس بها وقود الليلة ، انطلقت وعيناي لا تفارق لمبة البنزين ،مرت الثواني كالدهر، أخيرًا ،
لمحت من بعيد محطة الوقود ، حين وصلت لم يكن هناك أحد ،جعلت أبحث عمن أكلمه ،وظهر رجل ،
سألته :عندك بنزين ٩٢ ؟ قال : نعم ،  و كانت أجمل (نعم ) سمعتها في حياتيسجدت لله فورًا.
حين انطلقت لاستكمال الرحلة وأنا أشعر إني اتكتب لي عمر جديد جاء في بالي معنى يأتيني كل رمضان :
رمضان أصلاً هو محطة وقود تتزود منه لباقي العام ، كيف نضيعه ؟ كيف تجازف بالموت عطشًا ؟
كيف تمر بمحطة الوقود الوحيدة فلا تتزود ؟  وفي حياة الكثيرين كل عام يكون رمضان القادم هو الأخير ،
يعني آخر محطة للتزود قبل القدوم على الله ، آخر محطة للتوبة والاستقامة ورد المظالم وبر الوالدين وصلة الرحم والعودة للقرآن .
( من روائع د. ابراهيم الفقي - رحمه الله  )

Previous
Next Post »