*شَهَادَاتُ قَسَاوِسَةِ النَّصَارَى
المُنْصِفِينَ *
*فِي الدِّفَاعِ عَنْ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ*
(والرَّدُّ على المَدْعُو زكريا بطرس)
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسولِ الله، وعلى آلهِ وصحبِه ومَن والاه وبعد. فَإِنَّ المسلمَ يَنبَغِي أَلَّا يَقلَقَ علَى الإِسلامِ إذا هَاجَمَهُ الأَعدَاءُ* ، فاللهُ تعالى قال :" يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [٣٢] هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (33 التوبة ). وفي الصحيح قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم:"إنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ,فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَها,وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا"(صحيح مسلم ٢٨٨٩). لَكِنَّ القَلقَ الحَقيقِيّ عِندَما يَتعرّضُ الإِسلامُ لِلهُجُومِ والسُّخرِيةِ مِن أَتباعِه ( مِن مِثلِ إبراهيم عيسى وابن البحيري وأشباهِهم )، ذَاكَ هُو الخَطرُ الحَقِيقِيُّ لمَا يَتَرَتَّبُ عليهِ مِن العُقُوباتِ العَامَّةِ التِي تَعُمُّ الصَّالِحَ والطَّالِح ، ولا تُفَرِّقُ بَينَ مُطِيعٍ وعَاصٍ ، لِأَنَّ المُطِيعَ لَمْ يَأمُرْ بِالمَعرُوفِ ولَمْ يَنْهَ عَنِ المُنكَر ، قال تعالى :"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"(٢٥ الأنفال ).وفي الصحِيحَيْنِ قالتْ زَينَبُ (رضي الله عنها) :" يَا رَسُولَ اللهِ! أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ"؟ قال: "نَعَمْ؛ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ ". أَمَّا مُحَاوَلَاتُ أَعداءِ الإِسلامِ لِلنَّيْلِ مِن دِينِ الإِسلامِ ونَبِيِّ الإِسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ، فَهِي مُحَاوَلاتٌ فَاشِلةٌ* ، سَبَبُهَا ضَعفُ المُسلمِينَ في تَمَسُّكِهِمْ بِالدِّين ، فَفتَحُوا الطَّرِيقَ لِلأَقزَامِ كَيْ يَتَطَاوَلُوا عَلى نَبِيِّ الإِسلامِ ، وأَتَاحُوا الفُرْصَةَ لِغَيرِ الشُّرَفَاءِ كَي يَتَحَدَّثُوا عَنِ الشَّرَف ، وتَرَكُوا أَصْحَابَ الرَّذِيلَةِ يَرْفَعُونَ عَلَمَ الفَضِيلَةِ ، وهُمْ لا يَعْرِفُونَ أَنْسَابَهُمُ الأَقْرَبِين ، و لَو اجْتَهدَ أَحَدُهمْ أَن يَصِل إلى اسْمِ جَدِّهِ الرَّابِع بَلِ الثَّالِثِ لَمْ يَستَطِع ، فَالمُجتمَعُ عِندَهُم لا جُذُورَ له ، ومُعْظَمُهُمْ لا يَتَزَوَّجُ مِنَ الأُنْثَى إِلّا بَعدَ أَن يُنْجِبَ مِنهَا وَلَدَيْنِ ، ثُمَّ يَطْعَنُونَ فِي النَّبِيِّ الكَرِيم ، صَاحِبِ الشَّرَفِ العَظِيم !! ،" تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ"( النجم ٢٢). والنَّبِيُّ مُحَمّدٌ صلى الله عليه وسلم لا يَحْتاجُ إلَى شَهَادَةِ أَحَدٍ مِنَ المُسلِمينَ فَضْلًا عَن غَيرِ المُسلمِين* ، فَقدِ شَهِدَ لهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ مِن فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، لَكِنْ نُزُولًا علَى قَاعِدة " الحَقُّ مَا شَهِدَتْ بهِ الأَعدَاءُ" ، فَهُمْ لَنْ يَقبَلُوا دِفَاعَنَا عَن حَبِيبِ قُلُوبِنَا ، فَلْنَأْتِ لَهُمْ بِشَهَادَةِ المُنْصِفِينَ الدَّارِسِينَ لِلإِسلامِ مِن غَيرِ المُسلِمِينَ، كَي تَكُونَ الشَّهادَةُ عليهِم مِن أهْلهِم كما قال تعالى " وشهد شاهد من أهلها ".
أَوَّلًا - الكاتبُ الكبيرِ صاحبُ موسوعةِ قصةِ الحضارة ويل ديوارنت WILL* DURANT: قال "إذا أرَدْنَا أن نَحكُمَ على العَظمَةِ بما كانَ لِلعَظيمِ مِن تَأثِيرٍ في النَّاس، لقُلْنَا: إنَّ مُحَمّدًا كانَ مِن أَعظَمِ عُظَمَاءِ التَّارِيخِ، فلَقَدِ أَخذَ علَى نَفْسِه أنْ يَرفعَ المُستَوى الرُّوحِيّ والأَخْلاَقِيّ لِشَعْبٍ أَلْقَتْ بِه حَرارَةُ الجَوِّ وجَدْبُ الصَّحرَاءِ في دَيَاجِيرِ الهَمَجِيَّة.لَقدْ نَجَحَ مُحَمّدٌ صلى الله عليه وسلم في تَحقِيقِ هذا الغَرَضِ نَجَاحًا لمْ يُقارِبْهُ فيهِ أَيُّ مُصلِحٍ آخَرَ في التَّارِيخِ كُلِّه، ومِنَ النَّادِرِ أنْ نَجِدَ إِنسَانًا غَيرَهُ حَقَّقَ ما كانَ يَحْلُمُ بِه. فَعِندَما بَدَأ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم دَعوَتَه ، كَانِت الجَزيرَةُ العَربِيَّةُ عِبارَةً عن قَبائِلَ مُتَنَاحِرَةٍ غَارِقةٍ في الشِّركِ والوَثَنِيَّة ، ولكنَّهُ عِندَما مَاتَ وتَركَها كانَتْ أُمَّةً مُتماسِكَةً". (المرجع كتاب "قصة الحضارة"؛ للمؤرِّخ والفيلسوف الأمريكي WILL DURANT المتوفى سنة 1981، ص ١٧٤).
المرجع( مقدمة كتابها "محمد، نبيٌّ لهذا الزمان" MOHAMMAD APROPHET FOR OUR TIME طبعة دار Harper Collins لسنة 2006).
Sign up here with your email
ConversionConversion EmoticonEmoticon