اسطورة طائر الفينيق*****************
تقول الأسطورة أنه لم يكن في عالمنا إلا طائر فينيق واحد كان يسكن
الجنَّة وهي أرضُ جمال لا توصف ، هادئة خلف الأفق البعيد الذي منه تشرق الشمس . وجدلية
هذا الطائر أنه ليس في تلك الجنة موت ، وبعد ألف سنة أصبح الطائر يرزح تحت وطأة
عمره الطويل وأراد أن يجيء وقته فيموت. ولأن الموت لا يوجد إلا في العالم الأرضي فشقّ
طريقه إلى العالم الأرضي ، توجَّه صوب
الغرب محلقاً فوق الأدغال والسهول ، حتى وصل فوق أرض شدته إليها رائحة بَخور
التوابل في مغاور الشرق . نزل إليها جمع غمراً من الأعشاب العطرة وحملها معه الى
شواطئ "فينيقيا" ، فحط في عبّ
شجرة عالية بنى فيها عشَّه من تلك الأعشاب العطرة . وصار المغيب فراح الطائر ينتظر بزوغ الفجر الجديد الذي يؤذّن بموته . وحين أشرقت الشمس من خلف الأفق العالي ، تطلَّع صوب
الشرق ، فتح منقاره وأنشد أغنيةً لإلاه الشمس الذي جاء على عربته. وعند نهاية
الأغنية نهزإله الشمس أحصنته فانطلقت بالعربة وفرَّت من حوافر أحصنتها شرارة أصابت
عش الطائر فاحترق العش ومعه الطائر، وانتهت بذلك حياة الطائر الألفيّ. وفي اليوم
الثالث بزغ من رماد الطائر المحترق طائر فينيق صغير نفَّض جناحيه من الرماد وطار
صوب الشرق إلى أبواب الجنة يواكبه رف من الطيور. في رموزية الأسطورة ، أن طائر
الفينيق يمثل الشمس تموت في نهاية كل يوم وتعود لتولد في اليوم التالي ، وفي
السائد منذ بدء الخليقة أن الكائنات تولد من أُخرى . إلاّ كائناً واحداً يولد من
ذاته سمّاه "الأشوريون" طائـرالفينيــق
، لا يعيش على الفواكه أو الزهور بل على العطور والعنبر ، وحين يبلغ عمره خمسمئة
سنة يبتني عشاً في عبّ شجرة عند أعلاها يجمع العنبر والطيب والمر واللبان يتكوّم
بينها في العشّ ويلفظ نفسه الأخير بين الأطياب . ومن رماد هذا الطائر الأب يولد
فينيق صغير مرصود على العيش كما أبوه خمسمئة سنة أُخرى . وحين يشتدُّ جناحاه يودّع
هذا العش (مكان ولادته ومكان موت أبيه) فيحمل عشَّه، ويطير به، متجهاً الى مدينة
الشمس ليضعه قرباناً في معبد الشمس بانتظار أن يأتي زمن موته فيحترق ليولد من
رماده طائر فينيق جديد الى حياة جديدة. "طائرالفينيـق"
في الأسطورة التي تتكلم عنه يحترق من تلقاء نفسه ويتحول إلى رماد ، و سرعان ما
يعود وينمو من رماده ليتجدد من جديد
ويعجبني اكثر ذلك الانسان الذي مهما تحرقه الحياة وتقسو عليه وتحوله إلى رماد ،
يعود من تحت الرماد واقفاً شامخاً قوياً من جديد ويبني نفسه مرة اخرى . فليكن
الإنسان ذلك الطائر الذي مهما تعب وأحترق من قساوة وحرارة الحياة ، يقف من جديد
ويبني نفسه من جديد لا يأس ولا احباط.
Sign up here with your email
ConversionConversion EmoticonEmoticon