مانقص مال من صدقة


مانقص مال من صدقة

******************

يُحكي ان صاحب مطعم باحدى محافظات المُمطرة كان يستعد لتقديم وجبة العشاء فى احدى ليالى الخريف  وبعد تجهيز الوجبة وانتظار الزبائن ، بدات الامطار بالهطول واظلمت السماء وانقطعت الكهرباء وبدأ اهل السوق فى المغادرة واصبح الظلام دامساً فقام باشعال الفوانيس واتفق مع العُمال على المغادرة واغلاق المطعم بعد هدوء الاحوال واحتسبنا الطعام المعد كخسائر، اذ لا توجد مبردات كافية ناهيك عن انقطاع الكهرباء . واثناء انشغاله مع قطرات المطر بالشارع لاحظت سوادا يتحرك فى ظل الفوانيس بجانب احدى المباني المقابلة للمطعم . اخذت الفانوس وعصا بظن منه انه لص يريد كسر احد الدكاكين،  واقتربت من السواد وعلى ضوء الفانوس الضعيف رأي امراة وطفلين غاية فى الضعف والأرتجاف من البرد ،    فسألها ان كانت تحتاج الي شى ؟؟  قالت : الطعام لاولادها . فأطعم المراة وأولادها من خير ماعنده ، واعطاها ما تيسر من المال . فبكت المراة بكاءا لفت نظره ، فسألها عن سبب بكائها ؟ فقالت : ان زوجها توفى عنها وترك لها الاطفال ، وان هذا يومهما الثالث من غير طعام وما تجده توفره للصغار . اعطاها صاحب المطعم ظهره ، فهو يسمع يومياً مئات القصص من هذه الشاكلة ولا يحفل بها كثيرا ، تمتمت الام وانا اهرب من الامطار، الله يوسع عليك الليلة زى ما وسعت على اولادى . قال : آمين  . من هذا الذي يقنط من رحمة الله وإن اغلقت ابواب الأسباب فالسوق اقفل او بالكاد والمطر منهمر، والبرق عاصف والساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل . وبينما هو فى تاملاته وحساب خسائره واذا بباص سفرى يقف مباشرة امام المطعم ولا ادرى من اين جاء ولم يسمع صوت محركه  ،و قائد الباص السفرى يسالنه : الديكم طعام ؟ فاجبت بنعم !، نزال من الباص اكثر من اربعين مسافرا تبدو عليهم اثار السفر،فقام ببيع كل الطعام حتى انهم قاموا بطبخ جزء من الطعام المعد ليوم غد ، وباع حتى بقايا الخبز الجاف بالشوربة ، قال لعماله وهو يقوم بحساب ارباحه ، إني متعجب من هذا الرزق الوفير! قال احد العمال: هل فعملت عمل صالح اليوم ؟؟ انتفض كالملدوغ وهو يتذكر دعوة ام الصغار. "ربى يوسع عليك الليلة". وخرج تحت المطر باحثا عن الام فى انحاء السوق وبعث بعماله الى الأرجاء ولم يجدها ، اين انتِ يا ام الصغار ؟؟؟ سبحان الله العظيم حقا  وصدقا  ، "مانقص مال من صدقة" .  




Previous
Next Post »