*** قـثــــاء
خرج معن بن زائدة في جماعة من خواصه للصيد فاعترضهم قطيع ظباء فتفرقوا في طلبه وانفرد معن خلف ظبي حتى انقطع عن أصحابه فلما ظفر به نزل فذبحه فرأى شيخا مقبلا من البرية على حمار فركب فرسه واستقبله فسلم عليه فقال: من أين وإلى أين، قال: أتيت من أرض لها عشرون سنة مجدبة وقد أخصبت في هذه السنة فزرعتها قِثَّاءِ فطرحت في غير وقتها فجمعت منها ما استحسنته وقصدت به معن بن زائدة لكرمه المشكور وفضله المشهور ومعروفه المأثور واحسانه الموفور قال: وكم أملت منه ، قال: ألف دينار، قال: فان قال لك كثير، قال: خمسمائة، قال: فإن قال لك كثير، قال: ثلاثمائة، قال: فان قال لك كثير، قال: مائة، قال: فان قال لك كثير، قال: خمسين، قال: فان قال لك كثير، قال: فلا أقل من الثلاثين، قال: فإن قال لك كثير، قال: أدخل قوائم حماري في حر عينه وأرجع إلى أهلي خائبا، فضحك معن منه وساق جواده حتى لحق بأصحابه ونزل في منزله وقال لحاجبه :إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فأدخل به عليًّ ، فأتى بعد ساعة فلما دخل عليه لم يعرفه لهيبته وجلالته وكثرة حشمه وخدمه وهو متصدر في دسته والخدم والحفدة قيام عن يمينه وشماله وبين يديه، فلما سلم عليه قال: ما الذي أتى بك يا أخا العرب، قال: أملت الأمير وأتيته بقثاء في غير أوان، فقال: كم أملت فينا، قال :ألف دينار، قال: كثير، فقال: والله لقد كان ذلك الرجل ميشوما علي ثم قال: خمسمائة دينار، قال: كثير، فما زال إلى أن قال خمسين دينار فقال له كثير فقال لا أقل من الثلاثين فضحك معن فعلم الأعرابي أنه صاحبه ، فقال: يا سيدي إن لم تجب إلى الثلاثين فالحمار مربوط بالباب وها معن جالس، فضحك معن حتى استلقى على فراشه ثم دعا بوكيله فقال، أعطه ألف دينار وخمسمائة دينار وثلاثمائة دينار ومائة دينار وخمسين دينار وثلاثين دينار ودع الحمار مكانه فتسلم الأعرابي المال وانصرف .
Sign up here with your email
ConversionConversion EmoticonEmoticon