شم النسيم وحكم الاحتفال به




 

شم النسيم وحكم الاحتفال به 

*************

اولا  : شم النسيم تاريخياً :

النسيم هو الريح الطيبة وشمه يعني استنشاقه وهذا ليس له موسما معينا حتي يتخذه الناس عيدا يخرجون فيه الي المزارع ويتناولون فيه اطايب الطعام أو أنواعا خاصة من الاطعمة منها ماله صلة بتقليد قديم او اعتقاد معين، وهو عيد فرعوني قومي من اعياد الزراعة وسمي عيد النيروز وسمي في العصر القبطي بشم النسيم، وكانوا يحتفلون به في الاعتدال الربيعي عقب عواصف الشتاء وقبل هبوب رياح الخماسين وكانوا يعتقدون أن الخليقة خلقت فيه وبدأ الاحتفال به عام 2700 ق .م وذلك في 27 برموده وهذا العام مات فيه الإله (ست) اله الشر وانتصر عليه اله الخير وقيل قبل خمسة الاف سنة "  ق.م  " وكان من عادتهم في شم النسيم الاستيقاظ مبكرا والذهاب الي النيل للشرب منه وحمل ماءه لغسل اراضي بيوتهم التي يزينون جدرانها بالزهور ويتناولون الأسماك المملحة التي كانت تُصاد من بحريوسف وتملح في مدينة (بحانوس ) وهي ابو قير الحالية، وكانوا يشمون فيه الورد ويعلقونه علي منازلهم وحول أعناقهم للتبرك نظراً لشفاء بعض أبناء الفراعنة به ، ثم بعد ذلك جاءته مسحه دينية عند احتفال اليهود به وهو شكر الله علي نجاتهم من فرعون وقومه ثم اطلقوا عليه اسم (عيد باح) الذي نقل الي العربية باسم  (عيد الفصح ) او عيد الخروج غير أن اليهود جعلوا له موعدا غير الذي كان عند الفراعنة فحددوا له يوم البدر الذي يحل في  الاعتدال الربيعي أو يعقبه مباشرة، ولما ظهرت المسيحية في الشام احتفل المسيح وقومه بعيد الفصح متأثرين باليهود وبعد أن اعتنق المصريون المسيحية فقد وجدوا أن الاحتفال بعيد شم النسيم ظاهرة وثنية لا يقرها الدين وهم لا يستطيعون التخلص من التقاليد القديمة فعدلوها الي صبغة تتفق مع الدين الجديد فزادوا فيه طقوس ومظاهر علي ما كان معهوداً ايام الفراعنة وغيرهم فحرص الناس فيه علي اكل البيض والأسماك المملحة وذلك ناشئ من تحريمها عليهم في الصوم الذي يمسكون فيه عن كل روح أو ناشئ منه  وحرصوا علي تلوين البيض بالأحمر وفعل ذلك لأنه رمز الي دم المسيح علي ما يعتقدونه حتي اليوم .

ثانيا  :  حكم الاحتفال به  : 

ا ـ يرى فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الأسبق  " رحمه الله وطيب ثراه "  :  "  أن عيد شم النسيم الذي كان عيداً فرعونيا قوميا يتصل بالزراعة  قد جاءته مسحة دينية مرتبطة بخرافات و عقائد غير صحيحة بل فاسدة  لا يقرها دين ولا عقل سليم . ولا شك ان التمتع بمباهج الحياة من اكل وشرب وتنزه امر مباح مادام فى الإطار المشروع  الذى لا يرتكب فيه معصية ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة،  قال تعالى  :  { ياأيها الذين آمنوا لاتحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين  } ،  وقال جل شانه  :  { قل من حرم زينة الله التى اخرج لعباده والطيبات من الرزق  } ، وهل للتزين والتنزه والتمتع بالطيبات يوم معين او موسم خاص لايجوز فى غيره وهل لا يتحقق ذلك الا بنوع معين من المأكولات والمشروبات أو بظواهر خاصة  ؟  وهذا ما نحب أن نلفت النظر إليه  :  فإن الإسلام يريد من المسلم أن يكون  فى تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لايندفع مع التيار فيسير حيث يسير ويميل حيث يميل بل لابد ان تكون له شخصية مستقلة فاهمة حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه وعن التقليد الاعمى فلاينبغى ان يكون  " إمعة " كما جاء  فى الحديث الشريف يقول  :  إن احسن الناس احسنت  وإن اساءوا أسأت ولكن ينبغى ان يوطن نفسه على ان يحسن إن احسنوا والا يسيء إن اساءوا وذلك حفاظا على كرامته واستقلال شخصيته غير مبال بما يوجه إليه من تقد او استهزاء، وان نعى ألا نقع فيما حذر منه  النبي  ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله  : { لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لدخلتموه }  فلماذا نحرص على شم النسيم فى هذا اليوم بعينه والنسيم موجود فى كل يوم؟  إنه لايعدوا ان يكون يوما عاديا من ايام الله حكمه كحكم سائرها بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر وهى ارتباطه بعقائد لايقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشَمَّ نسيمَ الحياة بعد الموت و هذا بالنسبة لنا عقيدة فاسدة!!  وكذلك كيف نحرص على طعام بعينه فى هذا اليوم وقد رأينا ارتباطه بخرافات او عقائد غير صحيحة مع أن الحلال كثير وهو موجود فى كل وقت وقد يكون فى هذا اليوم أقل جودة واغلى ثمنا  !!  وحرصا على الا يشوب عقيدتنا اى شبهة او فساد  فإننا ننصح بعدم المشاركة فى الاحتفال به مع مراعاة ان المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين او عقل سليم، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول  : { من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكْ لَه الله إلى الناس} ( رواه الترمذي ورواه بن حبان بمعناه في صحيحه)،  وقد نقل عن الحافظ ابى الفضل عبد الله الصديق الغمارى من كتابه الحاوى فى الفتاوى انه قال عندما سئل  :هل يجوز الاحتفال بشم النسيم على انه عيد قومى   :  فقال  : " الاسلام لايعرف عيدا غير عيد الفطر والاضحى والمواسم الدينية كرمضان ونصف شعبان وما اشبه ذلك  !!   اما شم النسيم فهو عيد قومى ورثه المصريون من عادة اجدادهم الوثنيين وكل ماهو من عادة الوثنيين لايجوز الاحتفال به  " اه‍

** وللأمانة العلمية فإن هناك من  العلماء من جوزوا الاحتفال به . يقول الدكتور/ اسماعيل الدفتار ان يوم شم النسيم ليس بعيد لانه غير مرتبط بشعائر كعيد الفطر الذى ارتبط بصدقة الفطر  والصلاة والتكبير والتهليل وعيد الاضحى الذى ارتبط بالاضحية بجانب الصلاة والتكبير والتهليل ايضا  ..  فشم النسيم بخلاف ذلك فهو يوم من ايام الله تتغير فيه وجه الأرض عما ذى قبل فيكون آية من آيات الله نحتفل بها لندرك انه سبحانه وتعالى يغير ولا يتغير، و" إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى"، فمن كانت نيته فى الاحتفال بشم النسيم أنها مناسبة اجتماعية مثلا أو نوى بذلك إظهار الفرح بنعمة الله فى تقلب الليل والنهار وتغير الفصول، وذهاب فصل الشتاء ببرده القارص، وحضور فصل الربيع بجماله، فيحتفل بذلك حمدا لله على نعمه فلا بأس، ولا يعارض هذا  إن كان  يصاحبه أو يوافقه عند بعض الديانات الأخرى بعض المناسبات الدينية الخاصة بهم، فينوون الاحتفال بمناسبتهم ، وكلُّ حسب نيته، ولاسيما وقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم أن الأشياء لا حكم لها فى ذاتها ، وإنما الحكم حسب نية فاعلها، وأن اختلاف نيات الخلق فى الفعل الواحد لا يؤثر فيه نية بعضهم على بعض، لأن لكل امرئ ما نوى  !!  فالاحتفال بشم النسيم حكمه بحسب نيتك أنت ، ولا شأن لك بنية غيرك،  وكونك فى الاحتفال به على نيتك، فلا يعد ذلك إقرار منك للآخر بنيته.  ولا يؤثر فى حكم الفعل بناء على نيتك أنت إذا كانت جائزة شرعا نية الآخرين إذا كان فيها ما لا يتفق مع اعتقادك  !!   فقد أفاد الحديث أن من كانت هجرته لله ولرسوله لم يفسدها عليه نية الآخر الذى نوى الهجرة لأجل دنيا يصيبها او امرأة ينكحها  قاصدا بذلك حظا دنيوياً  كما جاء فى الحديث الشريف  !! .أما أكل البيض المسلوق أو تلوينه أو أكل بعض أنواع السمك فى هذا اليوم لا حكم له فى نفسه، وإنما يتعلق بنية المكلف وفعله، فلكل امرئ ما نوى .

وبالله التوفيق ومنه العون والسداد

المراجع  : 

١/كتاب تاريخ الحضارة المصرية

٢/بحث للدكتور عبدالحميد لطفي مجلة الثقافة عدد ١٢١

السنه الثالثه في ٢٢/٤/١٩٤١

٣/جريده الجمهوريه ١٥/٤/١٩٨٥

٤/الاهرام ١١/٤/١٩٨٨

منقول عن: الشيخ محمد رجب ، الأزهر الشريف.

Previous
Next Post »