" النــدّاهـة"

 


" النــدّاهـة"

*********

الريف المصري في فترة ما بين العشرينات حتى اوائل ثمانينات القرن الماضي قصص كثيرة عن (الندّاهة). كان يُسأل عن فلان لماذا اختفى ؟ والجواب كان : الندّاهة أخذته !

في مُعظم القُرى المصرية لم يكن هناك أي وسيلة من ةسائل المعرفة مثل الراديو او التلفاز او الهاتف إلا عند فلان العمدة او عند احد أعيان البلدة. وكانت الأُمية كانت هي السائدة والأغلبية العظمى يمتهنون الفلاحة والاعمال اليدوية ، وكانت معظم مبيعاتهم ومشترياتهم تتم بالمقايضة اي سلعة مقابل سلعة ، كانت حياتهم بسيطة إلى أبعد الحدود. قبل موعد النوم بعد صلاة العشاء يجلسون على باب بيوتهم حتى يتحدثوا إلى بعضهم ويتناقلون الاخبار والأحاديث التي تفوق الخيال. كانوا يحلمون في نومهم بأساطير كثيرة، ظهرت قصص الندّاهة والمسحور والجِنيَّة من تلك الجلسات ، وكان لفترة فيضان النيل باع طويل يغذي خيال هؤلاء البسطاء، حيث يكثر الغرقى في تلك الفترة.وبذكاء شديد يخرُج المصري من بوتقة ظهورغريق في مكان ما بدمج قصة غرقه ان الجنيّة سحبته وهو يستحم في النيل على الرغم انه كان يجيد السباحة. وهُناك المسحور الذي أصبح سبب اختفاؤه انه أصبح يعيش في قاع النيل ولا يظهر الا في ظلمة الليل كي ينتقي من اهل القرية أحدا يسحبه ليُغرقه او يجعله مسحورا مثلُه. للأسف الشديد كل هذه القصص من وحي الخيال وكانت تُخفي ورائها قصص اكثر غرابة. بسبب تفاقم الأمية وضعف وسائل التواصل مع الحَضَر، فكان يلجأ بعض القرويين لتسوية خلافاتهم (بالقتل) ، وكان افضل مكان يتم فيه ذلك هو النيل. وبعد أن تتم عملية (القتل) يتم الصاق وفاة المقتول إلى الجنية والمسحور والندّاهة وهم من دمهم براء. اذا حالفك الحظ بالجلوس إلى أحد كبار القرية (ونَكَشْتَهُ) في تلك القصص ، تجده يؤكد لك انها حقيقية لأن فلان قريبه غرق بسببها وفلانة أيضا.


Previous
Next Post »